حمزة المزيني
«أفلا يتدبرون القرآن»
لا يريد بعض الناس أن يتسامحوا مع من يرون أنه تفوه بعبارات غير لائقة في حق الله تعالى، حتى لو حدث منه ذلك وهو في حضيض اليأس، ولا يشفع له عندهم تراجعُه عما قاله، ولجوؤه إلى الله -كما هي حال «هشام»، في رواية الدكتور تركي الحمد.
أما القرآن الكريم فيَحفل بما يشهد بأن النفس البشرية معرضة للسقوط في اليأس أحيانا مما يؤدي بها إلى التلفظ، أو الشعور، بما لا يليق في حق الله تعالى وحسن الظن به. لكنه تعالى يبيِّن، ويؤنِّب، وربما يعاقب، ثم يعفو ويثبِّت حين يثوب إليه التائبون.
ولا يستثنى من ذلك بعض الأنبياء عليهم السلام الذين شعروا في لحظة عابرة باليأس، وهو ما حملهم على التلفظ بغير المتوقع منهم، وكذلك أصحاب الأنبياء.
ومن ذلك دعاء نوح عليه السلام الحار على قومه في لحظة يئس فيها من إيمانهم بعد أن دعاهم طويلا (سورة نوح). يقول سيد قطب رحمه الله: «ثم عاد (أي نوح) في نهاية المطاف يقدم حسابه لربه الذي كلفه هذا الواجب النبيل وذلك الجهد الثقيل! عاد يصف ما صنع وما لاقى، وربه يعلم. وهو يعرف أن ربه يعلم. ولكنها شكوى القلب المتعب في نهاية المطاف، إلى الجهة الوحيدة التي يشكو إليها الأنبياء والرسل والمؤمنون حقيقة الإيمان إلى الله».
لكن نوحا عليه السلام عاد بعد ذلك ليستغفر استغفارا حارا يوحي بندمه على ما بدر منه من يأس جعله يدعو بذلك الدعاء.
ومن ذلك استخدام يوسف عليه السلام، وهو في السجن، كلمة «رب» التي اغتصبها فرعون وخلعها على نفسه تعديا على اختصاص الله تعالى بها.
يقول الطبري (سورة يوسف، الآية 42): «فأنساه الشيطانُ ذكر ربه» وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن غفلة عرضت ليوسف من قِبَل الشيطان نسي لها ذكر ربه الذي لو به استغاث لأسرع بما هو فيه خلاصه. ولكنه زلّ بها، فأطال من أجْلها في السجن حبسَه، وأوجع عقوبته». ثم أورد قوله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن يوسف استشفع على ربه ما لبث في السجن طول ما لبث، ولكنه إنما عوقب باستشفاعه على ربه».
ويعقِّب سيد قطب: «وهو -مع هذا كله- بشر، فيه ضعف البشر. فهو يتطلب الخلاص من سجنه، بمحاولة إيصال خبره إلى الملك، لعله يكشف المؤامرة الظالمة التي جاءت به إلى السجن المظلم. وإن كان اللّه -سبحانه- شاء أن يعلمه أن يقطع الرجاء إلا منه وحده».
وهذا ما حدث للصحابة رضي الله عنهم. يقول تعالى (سورة الأحزاب، 10-11): «إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا(10) هنالك ابتلي المؤمنون زلزلوا زلزالا شديدا(11)». يقول الطبري: «وقوله (وتظنون بالله الظنونا) يقول: وتظنون بالله الظنون الكاذبة، وذلك كظن من ظن منهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغلب، وأن ما وعده الله من النصر أن لا يكون، ونحو ذلك من ظنونهم الكاذبة التي ظنها من ظن ممن كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عسكره».
ويروي في تفسير قوله تعالى «هنالك ابتُلي المؤمنون»: أنهم «محِّصوا». وفي تفسير قوله تعالى (وزلزلوا زلزالا شديدا) أنهم «حرِّكوا بالفتنة تحريكا شديدا، وابتلوا وفتنوا».
ويقول صاحب الظلال: «وكانت الأحداث تقسو على الجماعة الناشئة حتى لتبلغ أحيانا درجة الفتنة»، ويقول: ولا يفصِّل هذه الظنون. ويدعها مجملة ترسم حالة الاضطراب في المشاعر والخوالج، وذهابها كل مذهب، واختلاف التصورات في شتى القلوب».
ويثبت الله تعالى الصحابة بتذكيرهم بما حدث لبعض المؤمنين السابقين: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ(البقرة/ 214))».
يقول الطبري:
«فمعنى الكلام: أم حسبتم أنكم أيها المؤمنون بالله ورسله تدخلون الجنة ولم يصبكم مثلُ ما أصاب مَن قبلكم مِن أتباع الأنبياء والرسل من الشدائد والمحن والاختبار، فتُبتلوا بما ابتُلوا واختبروا به من «البأساء»، وهو شدة الحاجة والفاقة، «والضراء»، وهي العلل والأوصاب، ولم تزلزلوا زلزالهم، يعني: ولم يصبهم من أعدائهم من الخوف والرعب شدة وجهدٌ، حتى يستبطئ القومُ نصرَ الله إياهم، فيقولون: متى الله ناصرنا؟ ثم أخبرهم الله أن نصره منهم قريبٌ، وأنه مُعليهم على عدوِّهم، ومظهرهم عليه، فنجَّز لهم ما وعدهم، وأعلى كلمتهم، وأطفأ نار حرب الذين كفروا».
ولا يقتصر تعدي الإنسان على الله تعالى بالقول حين يكون في حال اليأس؛ بل ربما تعدى بمثل ذلك في حال الفرح! ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت عنه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته. فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح».
وتبين هذه الشواهد أن الطبيعة الإنسانية واحدة؛ فهي عرضة لليأس في بعض مواقف الابتلاء، وربما يصل الأمر بها إلى التشكك في الحكمة من وراء ما هي فيه. ولا يستثنى من ذلك بعض الأنبياء والمؤمنين. لكن الله تعالى يعفو بحلمه، ويَرد إلى الصواب.
وبطل رواية (الكراديب) ليس استثناء من هذا. فقد كان هذا الفتى الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره (ص285) يعاني من انسداد باب الأمل في وجهه، ومن عدم فهمه سبب ما يتعرض له من آلام، ولا الحكمة من ورائه. لكنه، كما أوضحتُ في المقال السابق، لم يستمر في هذا التشكك، بل رجع إلى الله في نهاية الأمر. وربما يُحسب ورود العبارة المستنكَرة في الرواية من إيجابياتها! إذ تَشهد بأن الإلحاد لم ينفع «هشاما» بل زاده آلاما فوق آلامه. لكنه لما عاد إلى الله تعالى فُرِّج عنه كربه وخَرج من السجن.
ما اجمل لغتك المتسامحة ولكن
مشكلتنا بأننا عشنا ونشأناعلي فكر مؤدلج و مسيس يقصي الاخر ولا يدع
لك فرصة التأمل والتدبر في أياتة وخلقة فنحن بشر
نخطئ و نصيب …. فيا ليت قومي يعلمون
د. حمزة المزيني: أنصحك بقراءة مقال أ. خالد الغنامي الأخير عن الليبرالية، لعله يكون عونا لك على التوبة والإنابة إلى الله
ليت هذه السماحة واللطف يُسمع عند تناولكم للمؤسسات والأفراد إذا كانت الحالة لا تعجبكم.. بالأمس تشرح أعراض قوم واليوم تخرج لنا مراهم للعلاج.. تناقض في تناقض.. والمصلح مصلح في كل أحواله إن كان مخلصا ويدور حول مصلحة الدين والوطن والمجتمع….
الناس متسامحون في طبيعتهم واكثر اللذين يصرون على انزال اشد العقوبات بمن يخطئ انهم يعانون من امراض نفسيه وبعض الناس يتبنى مواقف المتشددين في ارائهم مجاملة لهم او خوفا من ان يتهم في ضعف دينه او النفاق وهي تهم لا يقوم عليها دليل ولا يبطلها انكار مع ان الشرع امر ان نتعامل بالظاهر ولا علاقة لنا بالباطن ولكن من الناس من نصب نفسه رقيبا على بواطن الامور اثارة للضغائن والاحقاد ويسعى الى تفسير الامور كما يريد يتجاهل دعاء النبي اللهم انك عفو كريم تحب العفو
هل هذا ما خرجت به من تدبرك للقرآن ليتك ارتحت وارحت وليتك لم تتعب نفسك بتدبرك فاين موطن الشاهد من ذكرك لقصة نوح على كفره كما كفر صاحبك واين الشاهد من قصة يوسف عندما انساه الشيطان ذكر ربه واين الشاهد من قصة الصحابة واين واين من كل ما ذكرت لا ادري ماذا اقول لك سوى قمة الخواء مجرد حشو للكلام وصف للجمل من غير فهم لمدلولها او موطن الشاهد فكل ما ذكرت لا ينطبق على قصة صاحبك كما اتمنى عليك ان تثني ركبك عند احد طلبة العلم الصغار لعله يقبل بك طالبا عنده حتى تتعلم كيف تتكلم في الدين فضلا عن المشائخ كما ان عجيب لا ينضي من دفاعك عمن يعلن عدائه لكل مظاهر التدين في الوطن ومطالبتك بقبوله والعفو عنه مع انه ليس من حقنا ولكنه حق لله وتغاضيك عما يتعرف له الدين واهله في بلد الدين والتدين في بلد دستوره القران وحكامة يعلنونها صريحة ان دستورهم القران وسنة نبيةولم نسمع منك دفاعاً ولم تكتب حرفا للدفاع عن اي مظهر من مظاهر التدين التي تحارب من قبل الليبراليين
اخي الكريم حمزه -انت اتيت بادله تؤيد ما ذكرناه ايضا -وهذه الادله او الامثله حصلت لناس تحت ضغط شديد الانبياء او الصحابه -اما شخص قاعد يؤلف ويشرب القهوه ويستعمل كلمات قد تخرج من المله فلا تنطبق عليه امثلتك وادلتك – والتسامح موجود ولكن هناك حدود للتسامح فقد اكون شريكا لك فيما اقترفت اذا تساهلت معك وتسامحت ( انت لا تقول للسارق الذي سرق الاموال خلاص لا عاد تعودها )(مثال عام ليس لشخصيه معينه ) انت تخبره ان اردت التسامح معه باعادة المال اولا –لا يهمك البشر وتسامحهم ما يهمك هو ان يسامحك ربك وهذا هو المهم وهو اصل الحكايه -ومن تاب تاب الله عليه اسأل الله ان يتوب علينا ويغفر ذنوبنا وشكرا لك
أبو فارس
السلام عليكم
هكذا عهدنا متسامحا محبا للخير مقال مفصل يوضح ما خفى على كثيرون
لك مني الشكر والتقدير أخوك أبو وليد ..
ومن قال أن منطلقاتهم هما الكتاب والسنه ..؟!.. أينهم من مكارم الأخلاق التي بعث سيد الخلق ليتممها ..؟!!.. هم ينطلقون من هوى أنفسهم المريضه .. ومن نوازع الشر والعدوان فيها .. ويظن كثير منهم أن مجرد ألتزامه ببعض الشكليات في المظهر والسلوك .. تجعله على الحق .. فيخدع نفسه قبل أن يخدع الآخرين …!… لكنهم سيرون …!… يوم لاينفع مال ولا بنون .. ألا من أتى الله بقلب سليم
..
الحين زبنت لـ ( سيد قطب ) وتستشهد بمقالاته .. وانت شابن عليه في كل مقالاتك السابقه أيام ( الوطن ) وتحاربه وتحارب فكره !!
ويا زين هاللغة المتسامحة مع هذا المخطيء ( مع سبق الإصرار والترصد والتعنت والعناد ) اللي ماليه الخطأ من فوقه لرجليه ومع أشرف شيء في الوجود بينما لا نجد هذاالتسامح مع أهلالخير الذذين ألصل فيهم السللامة حتى وإن أخطأوا فخطأهم محتمل ومبرر ..
لا ينقضي العجب منكم ومن تناقضكم وانتقائيتكم ..
ما نقول إلا هداكم الله غصبن عليكم :)
السلام عليكم,
كيف تقارن بين المفسدين والمصلحين حتى لو كان الفعل واحدا , ألا تدري أن الله لا يصلح عمل المفسدين حتى لو كان صالحا في ظاهره؟.
بعيدا عن قصة “حمزة الكشغري “التي نُرجع الأمر فيها إلى الله تعالى ثم إلى أولي الأمر فإني أتمنى أن تأخذ عند الكتابة مسائل التفسير والحديث على طريقة أهلها فمثلا في قصة نوح عليه السلام قال المفسرون أنه لم يدعو على قومه إلا بعد أن علم أنهم لن يؤمنوا قال تعالى ( وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).ثم إن دعاءه كان على الكافرين وحدهم .وكذلك للمفسرين أقوال في قصة يوسف عليه السلام والحديث الذي أورته ( مرسل ) .وفي آية سورة البقرة كانوا يقولون ( متى نصر الله ) وهم موقنون أنه قادم .ألمهم هو أن إبداء الرأي في قضية معينة لا يجعلنا نقتصر على الروايات والأقوال التي تناسبنا .أسأل الله أن يُحق الحق ويريناه حقا ويرزقنا اتباعه .
ارجو ان يكون استدلالك بالقرآن بما يخص المسامحه موجه لك بالدرجه الاولى وليس للاخر حيث اصبح الناصح للغير كثر وينسون انفسهم