مداولات
متى يقول الطلبة والطالبات هذه الكلمة ؟

عبدالعزيز محمد الروضان
يقضي الطالب أو الطالبة ما يزهو على اثني عشر عاماً في التعليم العام.. وهذه الفترة ولا شك فترة طويلة جداً، ومع بقاء الطالب أو الطالبة هذا الزمن الطويل فإنهم يعيشون في مدارسهم وكأنهم في كابوس مريع أو كأنهم جندي في ميدان التدريب. ما أود أن أصل إليه من خلال هذه المقدمة هو أن بيئتنا ومحاضننا التعليمية إن جاز التعبير بيئات طاردة وغير جاذبة لعدة أسباب مجتمعة أو منفردة.. وفي هذا المقال القصير لا يمكنني أن أتتبعها سبباً سبباً، ولكن إن أغفلت شيئاً منها فإني لن أغفل الأسباب التالية:
السبب الأول: هو أن بيئتنا التعليمية بيئة لم يوضع في الحسبان عند إنشائها المرافق التي يحتاجها الطالب أو الطالبة من جمال في المبنى وحدائق وملاعب ومكتبات، وإن وُجد شيء من هذه المرفقات فهي توجد على خجل وبمستوى متدنٍّ. إن مثل هذه الأشياء تفتقدها محاضننا التعليمية بمستوى متفاوت، ولكن الطابع العام هو أن مدارسنا تفتقر إلى ذلك مما يجعل الطالب أو الطالبة يمل المحضن التعليمي ويسأم من العيش فيه لعدة ساعات طويلة. إنه بغياب هذه الضروريات فإن الطالب أو الطالبة يحس وكأنه في سجن ضيق، ولكن لو أن محاضننا التعليمية أُخذ بالاعتبار عند إنشائها توفير بيئة تعليمية جاذبة لما تململ الطالب من وجوده في المحضن التعليمي.
السبب الثاني/ أن الطالب أو الطالبة يجدان هناك هوة واسعة لا يمكن ردمها وهي المتمثلة بين الطالب والمعلم، لأننا نرى أن المعلم لا يذوب مع البيئة التي يعيشها الطالب أو الطالبة، بل توجد هناك فوارق فلكية بين الجو الذي يعيشه المعلم والجو الذي يعيشه الطالب أو الطالبة، وإلا فالواجب أن تذوب هذه الفروقات ويكون المعلم صديقاً للطالب وأباً ثانياً له. ولكن الذي نشهده في بيئاتنا التعليمية هو أنه يوجد برزخ هناك بين المعلم والطالب، وهذا البرزخ جعل الطالب يعيش غربة في المدرسة لا يمكنه انفكاكه منها، ولكن من الواجب المحتم أن تذوب هذه الفروقات وأن لا يعلو صوت المعلم بأي حال من الأحوال على صوت الطالب أو الطالبة ويبقيان على نسق واحد وإلا كره الطالب أو الطالبة معلمه أو معلمتها واعتبرت مخرجات التعليم أن مدخلات التعليم عدواً لها.
السبب الثالث/ كثرة الأوامر والنواهي ولوائح الضبط والتنظيمات وسلطة المعلم ومدير المدرسة التي يرزح تحت وطأتها الطلاب وكأن الطلاب في كتلة عسكرية عليهم طاعة الأوامر والنواهي ليس إلا، لأننا نشاهد أن بيئاتنا التعليمية كلها عبارة عن أوامر أو نواهٍ لا تفعل كذا ولا تأتِ بكذا، وافعل كذا وهلم جرا.. وكأن بيئة التعليم بيئة عسكرية! إذاً متى يقول الطالب أو الطالبة إن مدرستي أحب إليّ من بيتي؟ يقولها أيها المسؤولون عن التعليم حينما ترفع عسكرة التعليم عن بيئاتنا التعليمية.
السبب الرابع/ كثرة الامتحانات الشهرية التي تجعل الطالب يعيش في حال استنفار دائم وعدم استرخاء، ناهيكم عن طول اليوم الدراسي، هذا فضلاً عن طول العام الدراسي. السبب الخامس/ الكتاب المدرسي أو المقرر الدراسي، إن المقرر الدراسي لم يقدم بصورة شيقة جميلة، بل قُدم بصورة جافة مملوءة بالحشو ورداءة الورق وسوء العرض! وإلا بالله عليكم هل يمكن أنه أحياناً الطالب يقرأ محتوى المقرر الدراسي عن طريق النظارة، ولو كان مقالي هذا عن المقرر الدراسي وحسب لأطنبت في هذا السبب أيما إطناب.
السبب السادس/ أن الطالب أو الطالبة يمل تكرار مواضيع الدراسة فيعرض عليه الموضوع في المرحلة الابتدائية فإذا به يتفاجأ يعرض عليه في المتوسط ثم الثانوي، إن مثل هذا التكرار يجعل فكر الطالب لا يتجدد ولا ينتقل من موضوع إلى موضوع آخر.
السبب السابع/ قلة الرحلات الاستكشافية لواقع الحياة في مدارسنا، وإلا فالواجب أن نجعل الطالب يخرج إلى البيئة الخارجية ويرى الحياة عن كثب حتى يطمئن أن ما يمارسه في المدرسة سيجده في الواقع. السبب الثامن/ قلة فهم أصول التربية والتهذيب عند مدخلات التعليم، فالمعلم أو المعلمة أحياناً يجهلان أصول التربية ومن ثم يقع الطالب تحت سندان أب غشوم ومطرقة معلم جاهل، كل هذه الأسباب مجتمعة أو منفردة تجعل الطالب يرى أن المحضن التعليمي سجن لا فكاك له عنه.
السبب التاسع/ أن الطالب أحياناً تُمارس عليه الازدواجية في التربية فيعيش داخل المدرسة في أجواء تربوية خاصة، وداخل البيت في أجواء تربوية خاصة كذلك، وإلا لو تواطأت تربية المعلم مع تربية الأسرة لعاش الطالب أو الطالبة في نسق واحد. ولتخلص من هذا الصراع في جوانب التربية.. ولكي أدلل على صحة ما ذهبت إليه فإنه إذا عُلقت الدراسة لسبب أو لآخر فإن الطالب يرى نفسه كأنه حاز ملك ذي القرنين! كل هذا وذاك بسبب أنه يكره المحضن التعليمي بوجود هذه الأسباب. وبالمناسبة إذا كنت أتكلم عن التعليم ومحاضنه لا سيما عن أحد أركان التعليم وهو المعلم فإني كنت بالأمس تأخذني النشوة والفرح حينما أرى أن المعلم يدخل المدرسة وبيده الكمبيوتر المحمول، كنت بالأمس القريب أظنه يستخرج المعلومات من هذا الجهاز ليضيفها إلى معلومات الطالب، وإذا بي أتفاجأ وكأنه يُقرع رأسي بمطرقة حيث نما إلى علمي أن جهاز الكمبيوتر المحمول يحمله المعلم ليدير محفظته الاستثمارية بالمدرسة! أو يحسب أرباحه وخسائره من المحلات التجارية التي يديرها. لو كان أحمد شوقي موجوداً بيننا اليوم وسألته عن بيت من الشعر قاله وندم، لقال لك ذلك البيت الذي قلت فيه:
قم للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولاً
ودعوني ألمح إلى شيء مهم على هوامش هذا المقال، وهو أنه يجب على المدرسة أن تختار المرشد الطلابي بناء على اعتبارات أدبية وتربوية وسلوكية، فكم من مرشد طلابي تم ترشيحه لهذا العمل وهو نفسه بحاجة إلى مرشد! وختاماً إني أرى أن التعليم يحتاج إلى حركة تصحيح. وأختم مقالي ببيت من الشعر:
إن الشجى يبعث الشجى فكل هذا قبر مالك
تعليق على مقال عبدالعزيز الوضان بجريدة الشرق بعنوان((متى يقول الطلبة والطالبات هذه الكلمة ؟))
المحضن التربوي طارد بالفعل قد يكون ما قلته من حيث إنه يفتقد للحدائق والمكتبات ووسائل الترفيه فأنت محق بإجماع الكثيرين برأي أما ما عداه فقد جانبت الصواب برأي فزوال الضوابط والأنظمة يجعل الحياة فوضى ولسنا بشراً ملائكيين بل لابد من وجودها وعلى البيت أن يعززها ويمارس شيئاً منها حتى ينشأ الجيل على احترام النظام والقانون والانضواء تحت رايته والحث على ممارسته.
وكنت أتمنى أن تقصد بالذوبان هو محاولة تقليل الفجوة بين المعلمين والطلبة في استخدام التقنية وليس أن نرفع التكليف بينهما حتى يصبح المعلم كسائر الطلاب ويفقد هيبته بل ينبغي له عند ممارسة النشاط والترفيه والحديث العام أن يتواضع ويتسم بالخلق الحسن فيرحم من يفتقد للرحمة ويقسو بالنظرة والكلمة على من انفلتت اخلاقه على أسرته وقضى جل وقته في اللهو واللعب مع من يتسكعون ويصطادون في الشوارع والأزقة المظلمة.
وأما المقررات الدراسية وتكرار المعلومات فيها فهذا من طبيعة المقررات الدينية واللغة العربية فالمقررات الدراسية الدينية تتدرج بالطلاب وتقدم لهم المعلومة البسيطة التي تناسب سنهم وقدرتهم على التفكير حتى إذا نضج وجدها في صف متقدم تجيب ما يظهر عنده من تساؤلات وأما المقررات العربية فينبغي أن نعد لها مأتماً آسف بل لقد أعد المأتم وضاعت لغتنا ولا…